صورٌ مطيرةٌ لحبٍ نائم


 

مطرٌ جديدٌ بعدَها

والأرضُ تخرجُ

من مقابِر ليلةٍ تبكي

وتُطعمُ جلدَها

عُشباً يُطيلُ وَداعيَّ الأبديَّ

بين طفولتَينِ

تُربيان الحلُم لي

والشوقَ لامرأةٍ

كليلٍ في الثِّيابِ تنامُ...

هل أسِنتْ جداولُ

قلبِها الماضي

ورمَّمتِ الحدائقُ وردَها،

بين الفصولِ، ولم يعدْ

ومضُ الكلامِ يضيءُ

في حَجَرِ العواطفِ بعدَها؟

يا وحدَها...

امرأةٌ تزوجُ نفسَها

ليتيمِها الآتي

وتتبعُ حدسَها

في غابةِ الأضواءِ غائمةً

وتصحو في نهارِ السبت:

"لا تَنظرْ إليَّ... إلى دمي

لتُجفِّفَ الطينَ المُجرَّحَ

بالأظافرِ

وابتعد...

لا تنتظرني يا غريبُ

ولا تصدقني

إذا أَشهَرتُ موتي

وانتحرتُ غداً

ولا تكتُبْ حكايتنا الغريبةَ

سيرةً لكَ بعدنا"... 

وتموتُ... تَخْنُقُ نفسَها

بهواءِ غُرفتها

المعقَّمِ... 

لم تكنْ حواءُ إلا أمَّ

من عَرَفَته أصغرَ

من طفولتِها

وطِفلتَه اليتيمةَ

كلما التبسَ الظلامُ على المُثنَّى

تحت سقفٍ ماطرٍ... 

(في ملحِ دمعتِها

نساءٌ سائغاتُ الملحِ

منذُ تمدَّنتْ أحلامهنَّ

على زجاجٍ باردٍ

وتطورتْ خلفَ السوادِ عُيونهنَّ... 

تركنَ بدواً في الخيامِ

يقسِّمون الليلَ أطولَ

بعدهنَّ...

وقُلنَ: لا!)

"عمن تغني؟

عن النساءِ الملحِ من بعدي؟"

أغني

عن نساءٍ في غمامِ دموعهن...

عن اليتيمةِ

حينما تَرِثُ اليتيمَ

فيكبرانِ معاً...

عن الضدين في المعنى 

وحَتْفٍ

في مَنامِ العاشِقَين

على حُطامِهما... 

المُثَنَّى

صُدْفةٌ في غامضينِ

تَسَلَّقا جَسَدَيهما

فوق السريرِ

لينجبانِ الكونَ

وانصرفا... 

فهل سَهرا هنا بالأمسِ؟

هل قطفا من الأشجارِ

نجماً

مارقاً في الفجرِ؟

هل وقفا

أمامَ البحرِ واعترافا

بشيءٍ ناقصٍ في السرِّ

وانصرفا

فرادى عن كلامِهِما؟

فنامي...

واتركي للشعرِ نافذةً

على ليلِ المُذكَّرِ والمؤنثِ

فيكِ... 

نامي

كي أرى امرأةً

وطفلاً في حديقتها

يفتِّشُ عن أبوته...

فهل خرجتْ قُبيل الفجرِ

من مرآتِها للبحرِ تبحثُ

عن حقيقتِها

ولم ترجعْ؟

يموتُ الناسُ قُدامي

ويكبرُ طفلُها بدمي

ويقتلُها...

على المرآةِ:

كيفَ دَخلتِ في حُلمي؟

وكيفَ مشيتِ في نومي؟

وكيفَ كَسَرتِ لي قمراً

قديماً في أغاني الحبِّ،

يسهرُ خلفَ نافذتي؟

لها في صُورتي

صُورٌ...

لها مطرٌ قديمٌ

يغسلُ الألوان والحُمى

بُعيد القُبلة الأولى

ويغسلني

بُعيد أصابعٍ الشمعِ

التي احترقتْ

على جسدٍ كثيفِ الليلِ

وانحسرتْ عن الكثبانِ...

لي مطرٌ

على الأغصانِ،

لي شجرٌ

تثاءبَ في كلامِ الريحِ... 

لي

ليلانِ يتفقانِ في جسدي

ويختلفانِ حولَ

روائحِ الذكرى... 

أُصدِّقُ في الكرى أَبَدي

لأُبعثَ مرةً أخرى

 هنا والآن

من جسدي... 

أنا الآتي بريئاً من دمِ

الأسماءِ...

سيرتنا

نعاسٌ ماطرٌ

ويدانِ تفترعان

من جذعٍ يتيمٍ

حُبنا أرضٌ مشاعٌ

لاحتطابِ الظلِّ... 

كان رمادُنا سِنةً،

خَدَعْنا مَوتنا

لننامَ قربَ النارِ

مُحْتَفِلَين بالموتِ الجميلِ

على ملامحنا... 

بقايانا حطامُ الموجِ

في أبديةِ الشطآنِ

نكسرُ صَرخَتَينا

في سلالمَ من هواءٍ،

نَرتقي غُرَفاً

ونهبطُ

في

عميق

الماءِ...

فانتصري

على ما شئتِ من ضَعفي

ودليني

على كلماتكِ العذراءِ: 

لم تُقرأْ

ولم تُكتبْ...

ومُدي لي يداً خضراءَ 

تَرْفَعُني لأطْفو فوقَ أنْقاضي... 

رأتْ قلبي على جسدي

يؤرقُ سائرَ

الأعضاءِ 

بالحُمَّى، 

وفي جسدي رأتْ لُغتي

تجرِّب نبرَها وتموتُ... 

تصعدُ من بكارتِها 

لتبحثَ عن بلاغتها

الجديدةِ من دمِ الأشياءِ... 

أكتبُ كي أرى

فأرى 

السماءَ ثقيلةً

والطيرَ يحملُها

على الطرقاتِ

ذاكرةً يُظلِلُها

دخانُ البنسلِ الخشبيِّ...

وامرأةً

تُعمِّر في الضُّحى غُرَفاً

لنورِ الشمسِ... 

تكبرني صَباحاً،

في الصباحِ

تصيرُ سَيدةً لبيتٍ مهلٍ

أماً تنظفُ عُزلتي

من شَهوتي،

أماً تدخِّن

بالبخورِ ثيابَ

عاشِقِها

وتطردُ أعينَ الأشباح،

تتركني إلى كَسَلي

لأكبرَ ليلةً أخرى

وأنتظرُ اليتيمةَ

في "صباح الخير"

تحمل لي

بداياتِ النهارِ الجهمِ

تَنْفُضُ عن مخيلتي

ظلالَ الغيمِ

في الأشجارِ

كي أمشي جديداً

في دروبِ الطينِ،

أَعْبُرُ غابةَ النَّخْلِ الكَثيفِ

لساحةِ الطابورِ...

لي حُلمٌ من الألوانِ

تهذي في حرائقِها

فهلْ مخطوطةُ الهذيان

هذا الشعرُ... 

أكتُبه

لوصفِ غريبة تبكي

وأمحوهُ بحبرِ

 الماءِ؟

أم مطرٌ جديدٌ

يغسلُ الكلماتِ

من شهواتِ

عاشقها؟ 

أحبكِ في نهار ما

أحبك في بلاد ما

وأرثي باسمك المدن التي

سَقَطَتْ

وأفتحُ باسمكِ

البلدانَ... 

هل يغتالني

النسيانُ

 قالت، حين تعبرُ

في المساء الرخو

من مطرٍ لآخر بعدنا؟

مطرٌ يملحُ

ذكرياتي بعدها...

ويهيجُ الحرمانَ

في جذعٍ يموتُ

على الضفاف... 


سبتمبر 2022



تعليقات

المشاركات الشائعة