قمران وحيدان على الساحل الشرقي

 




وجهكِ الغائب في ظلِ الجدارْ

هل تُرى وجهكِ ظلٌ للجدارْ؟

أدخلي قبلي إلى المرآة واختاري الملامحْ

لغريبين يدسّانِ الجوارحْ

عن تفاصيل النهارْ

لغريبين التفتا للبحرِ في الجزرِ

وقالا:

لم يعد يشبه إلا نفسه البحرُ.

غداً نبتاع هذا البحرَ تذكاراً لسائحْ

لؤلؤاً يرقص في العينِ

ورملاً

ومحارْ

***

حزنك القادمُ من كل فرارْ،

هل ترى حزنك تاريخ فرارْ؟

تبحثينَ الآن في منديلك الأبيضِ

عن دمع قديم

وأنا أعرف أن الدمع دمْ

وأنا أعرف أن البحر خصمْ

فلماذا تضحكين

كلما يكذب حبٌ طائش فينا

ويغرينا الندم؟

ولماذا تكذبين

كلما أنشدتني الشعر المقفى:

لم يكن ذاك حنين

كان شعراً للسأم؟

* **

ملّتِ الأصوات من حيرتها

وانتهى للريح يا صحبي النغمْ

لم أعد أذكر معناي فما

صنع الوقتُ بنا حين انتقمْ؟

وطني أخرج من معطفه

غابة تبحث عن شمس ولمْ...

يهدني الضوء سوى حيرته

أوقدوا الشمعة فالليل احتدم!

***

صورة ترقد في ظل الجدارْ،

منذ عشرين سنةْ

لفتى يبدو عمانيّ الإزارْ

يشرب الغليون والشاي

مع العطار في سوق "المحرَّق"

مرَّ…

لم نعرف له قبراً

ولا أهلاً ودارْ

كان يصحو من مناديس الحُلي

من سحاحير الملابس

من ليالي زنجبار

ويصيح: البحر يغرق!

ونراه الصبح في سوق "المحرّق"

قيل عنه: مات في حرب الجبل.

قيل عنه: أنه شُوهد عتالاً لأكياس القرنفلْ

يقبض الأجرة في مينا عدن

منذ عشرين سنةْ

نهبته المدن الجوعى

وأعيته السفنْ

***

كنتِ يا ما كنتِ أحلى كلما طار مع الريح الخمارْ

هل ترى ما زلتِ أحلى

كلما طار مع الريح الخمارْ؟

آه من حزن العمانياتِ

آهٍ

كن يخبزن الدموع الساخناتْ

مع خبز الفجرِ.

يكتبن لي الفصل الأخير

من فصول المسرحية

يدّخرن اليأس في قطن السرير…

وأموت الآن في السرد الشفاهي

وأحيا

ليزغردن العشياتِ لمن عادوا من الميناء

من غير هدية

غير أني سوف أهديك خمارْ

***

وتركنا البحر يعوي خلف شباك البنايةْ

واختبأنا

سنة أخرى، اختبأنا بالرواية

آه من عينيك

آهٍ شهرزاد

شهريار عاملٌ في كل ميناءٍ

غريب في مطارْ

يختفي عشرين عاما في الغبارْ

لم يقل شيئا عن الماضي

ولم يرثي المدينة

ورمى دمعته السخنى على الكم

رمى الذكرى الحزينة

في زجاجات

إلى كل البحارْ

***

كفك اللامع بالحناء في هذا النهار

هل تُرى كفك جسرٌ للنهار؟

ومضتْ تبحث في الغابات عن شمس فقيرة

نهبتها سفن تأتي من المجهول

للأرض الصغيرة

وكأني لا أحبك

بعد هذا الليل أكثر

وكأن لا أحبك

وكأن البحر هذا اليوم أصغر

وكأني سأموت الآن برداناً

على رمل الجزيرةْ

إسمي المنقوش في ذاك السوار

هل ترى ما زال إسمي في السوار؟

لامعاً يضحك في الليل الحزين

ليراه قمر في زنجبارْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


القصيدة على ساوندكلاود

نٌشرت هذه القصيدة على مجلة الفلق بتاريخ 26 يوليو






تعليقات

المشاركات الشائعة